responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 113
بِالْجَائِرِ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ. وَلَمْ يُضَفِ السَّبِيلُ الْجَائِرُ إِلَى اللَّهِ لِأَنَّ سَبِيلَ الضَّلَالِ اخْتَرَعَهَا أَهْلُ الضَّلَالَةِ اخْتِرَاعًا لَا يَشْهَدُ لَهُ الْعَقْلُ الَّذِي فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ النَّاسَ عَنْ سُلُوكِهَا.
وَجُمْلَةُ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ تذييل.
[10]

[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 10]
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10)
اسْتِئْنَافٌ لِذِكْرِ دَلِيلٍ آخَرَ مِنْ مَظَاهِرِ بَدِيعِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى أُدْمِجَ فِيهِ امْتِنَانٌ بِمَا يَأْتِي بِهِ ذَلِكَ الْمَاءُ الْعَجِيبُ مِنَ الْمَنَافِعِ لِلنَّاسِ مِنْ نِعْمَةِ الشَّرَابِ وَنِعْمَةِ الطَّعَامِ لِلْحَيَوَانِ الَّذِي بِهِ قِوَامُ حَيَاةِ النَّاسِ وَلِلنَّاسِ أَنْفُسِهِمْ.
وَصِيغَةُ تَعْرِيفِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ وَالْمُسْنَدِ أَفَادَتِ الْحَصْرَ، أَيْ هُوَ لَا غَيْرُهُ. وَهَذَا قَصْرٌ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ، لِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ لَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَلَا يَدَّعُونَ لَهُ شَرِيكًا فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُمْ لَمَّا عَبَدُوا أَصْنَامًا لَمْ تُنْعِمْ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ كَانَ حَالُهُمْ كَحَالِ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ الْأَصْنَامَ أَنْعَمَتْ عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ النِّعَمِ، فَنَزَلُوا مَنْزِلَةَ مَنْ يَدَّعِي الشَّرِكَةَ لِلَّهِ فِي الْخَلْقِ، فَكَانَ الْقَصْرُ قَصْرَ إِفْرَادٍ تَخْرِيجًا لِلْكَلَامِ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ.
وَإِنْزَالُ الْمَاءِ مِنَ السَّمَاءِ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجَ
بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ
فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [22] .
وَذَكَرَ فِي الْمَاءِ مِنَّتَيْنِ: الشَّرَابَ مِنْهُ، وَالْإِنْبَاتَ لِلشَّجَرِ وَالزَّرْعِ.
وَجُمْلَةُ لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ صِفَةٌ لِ مَاءً، ولَكُمْ مُتَعَلِّقٌ بِ شَرابٌ قُدِّمَ عَلَيْهِ لِلِاهْتِمَامِ، ومِنْهُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ كَذَلِكَ، وَتَقْدِيمُهُ سَوَّغَ أَنْ يَكُونَ الْمُبْتَدَأُ نَكِرَةً.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست